27 مارس، 2015

الحرية.. ونعمة الإسلام (1)

تخيل نفسك فى غابة مع شوية ناس، ومش عارف تروح لفين .. وإزاى، ومش عارف حتى إنت إيه اللى جابك هنا .. وإنت لازم تروح لمكان تانى أصلا ولا انت فى المكان الصح ؟
وكل شوية حد يقولكم مكان المفروض تروحوا له، ويقولكم الطريق ليه، وييجى حد تانى يقولكم طريق تانى، وحد تالت.. يقول على مكان تانى المفروض هو ده اللى تروحوا ليه!

مفيش أى حد فيهم كلامه غلط، وفى نفس الوقت مفيش حد كلامه صح !
 لإن مفيش هدف معين انتوا عايزين توصلوا له، أو مواصفات عامة للمكان اللى المفروض تروحوا له، عشان تقدروا تحددوا الكلام الصح من الغلط، فكل واحد بيقول مكان أو طريق من وجهة نظره اللى هو شايفها صح .

* تخيل بقى كل حياتك كده عايز تعرف إيه الصح.. انك مثلا تكدب ولا ما تكدبش فتلاقى نفسك تايه
 واحد شايف إن الكدب حلو، وتانى شايفه وحش، وتالت شايفه وحش إلا فى الضرورة، وبعدين تلاقى كل الناس مختلفة فى إيه الضرورة دى، واللى واحد شايفه ضرورى، التانى شايف لأ ده اسمه استهبال
وهكذا بالنسبة لكل حاجة.. الأخلاق .. التعاملات مع الناس ..أسلوب حياتك .. المفاهيم العامة (زى الحرية) .. لازمتك أساسا فى الحياة، وسبب إنك موجود من أصله.

هتلاقى نفسك غرقان فى بحر من الحيرة، والتوهان..
 وده اللى يخلى بعض الناس تنتحر بعد ما تكون عملت كل اللى نفسها فيه، وأشبعت كل رغاباتها.. من فلوس وشهرة وسلطة وغيره، زى بعض نجوم السينما العالمية
أو يخلى ناس تانية تنتحر؛ لأنها مش شايفة طريق ليها تقدر تحقق من خلاله حاجة من دول.

وتلاقى النسبة الكبيرة.. بين النوعين دول، عشان عارفين إنهم مش هيقدروا يستحملوا عواقب طرح الأسئلة، والعجز عن الإجابة عنها، وحالة الحيرة والتوهان دى؛
 سابوا نفسهم لدايرة الحياة وشواغلها.. وشايفين إن سبب وجودهم أصلا صدفة، وبالتالى مفيش حاجة معينة هم مخلوقين عشانها
ويكون سبب استمرارهم فى الحياة.. هو سعيهم لسد احتياجاتهم، وأمل فى تحقيق رغباتهم


* من هنا يظهر معنى إنك تحمد ربنا على نعمة الإسلام..
إنه رزقك الدين ده؛ اللى أعطى لحياتك معنى وسبب لوجودك وهدف منها، وبيّن لك أطر وقواعد عامة تنظم علاقتك بأهلك ومجتمعك، وحقوقك وواجباتك، وعواقب كل منها فى الدنيا، وبيّن لك إيه اللى هيحصل بعد الموت
 وحماك من الغرق فى بحر الحيرة والتوهان ده، وإنك تبدأ تحس فى وقت من الأوقات، بالعبث وانعدام أى معنى أو قيمة لحياتك.

وفى نفس الوقت من غير ما يتسلط عليك، أو يحرمك من حقك فى الاختيار واستخدام عقلك اللى هو وهبه ليك.
وترك لك مساحة كبيرة من النسبية تختلف وتتفق فيها مع الآخرين، ويقدر فيها البشر ينظموا أمور وتفاصيل حياتهم بما يرون فيه خير ونفع لهم (واللى ظهر فى هيئة القوانين أو الإحكام العرفية أو العادات والتقاليد)
لإن اللى الدين حدده ده قواعد عامة، ونسبتها صغيرة جدا من الأمور اللى بتنظم حياة الإنسان، لكن من غير ما يغرق.

فالدين جاء لتمكين الإنسان من استخدام عقله، وحقه فى التفكير والاختيار .. وليس لإعاقته أو تكبيله


وإن اللى وضع القواعد دى هو ربنا.. الذى هو الأكثر دراية بخلقه، وبما فيه خير ونفع لهم على مدى الدهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق