27 مارس، 2015

النسبية.. ونعمة الإسلام (2)

* ولإن مفيش مجتمع يقدر يستمر بالقدر الهائل ده من النسبية فى الصح والغلط، وإيه اللي ينفع وإيه اللى ماينفعش..

فما كان من المجتمعات الغير مسلمة، إلا أنها وضعت قوانين وضوابط لنفسها.. معلنين أن أساسها، والمسيطر على الأطر والقواعد العامة التى تحكمها..  الإيمان والإحترام لحريات الأفراد.

فيبدو للوهلة الأولى.. أنها أفضل من تلك التى ينظم قواعدها الدين، الذى يتدخل فى شئون الفرد، ويملى عليه أوامر، وينصّب نفسه واصيا، له الحق فى تقييد الحريات.

ولكن بقليل من التأمل.. نجد أن الفرد طبقا لهذه القوانين، ليس له الحق فى أن يسير بسيارته فى الطرق التى يرديها، والإتجاهات التى تحقق مصلحته، أو فى أخذ أى سلعة تعجبه فى إحدى المحلات والمضى دون دفع مقابل

فيظهر إستدراك.. وهو أن للفرد كل الحرية دون التعدى على حريات الآخرين لضمان استمرار المجتمع، وأن حتى إلتزامه بذلك سوف يحقق حريته ومصلحته بشكل أو بآخر.. كأنه سيمنع الآخرين من الإستيلاء على ممتلكاته، دون موافقته أو دفع مقابل مرضى مقابلها.

وهو ما يبدو منطقيا.. لكنه فى الواقع خادعا

لأنه.. من يحدد أن ذلك الجزء المستقطع من حرية الفرد (بحجة التعدى على حرية الآخرين)، سيحقق مصلحة عامة، ويضمن استمرار المجتمع، وأنه سيعود على ذلك الفرد بالنفع بعد ذلك، وبعد أى مدة سيتحقق ذلك ؟!

ثم أنه ما طبيعة الضرر التى يمكن أن يقع على الآخرين، إذا قرر شخص ما الإنتحار، لماذا يحاولون إثنائه عن قراره ومنعه ؟!

من يحدد أنه ليس من حرية الفرد أن يقود بسرعة عالية فى طريق غير مسموح فيه بذلك، ﻷنه قد يتسبب فى حوادث تؤدى لإصابة أو مقتل آخرين،
لكن من حريته تناول ما يحلو له من الخمر والذىقد يؤدى لتغييب العقل، مما قد يؤدى أيضا لإصابة أو مقتل آخرين !!


*وإن كان وصل المجتمع لدرجة كبيرة من التصالح مع نفسه، والسعى المنزه عن أى هوى أو مصلحة خاصة بأحد أفراده،
 واعتمد طريقة التجريب، والاستفادة من الخطأ.. فصار يصحح ويعدّل من القوانين ما سمح بحدوث هذا الخطأ.

 فماذا لو كان هذا الخلل متعلقا بشئ لا يتكرر، أو أنه أغلى من أن يتم المجازفة به واعتباره ثمنا عادلا لمعرفة الخلل وتعديل القانون.. كالحياة مثلا،
 ما الذى ينفع شخصا فقد حياته نتيجة هذا الخلل فى أن يتم تعديل القانون وإصلاح الخلل؟!


* سواء المجتمعات دى كانت من ديانات أخرى.. اخترعوها أو حرفوا فيها بما يناسب هواهم أو مصالح واضعى هذه القوانين، استبقوا مظاهر الدين؛ ليحاولوا الإستعانة بها لسد احتياجاتهم الروحية.

أو كانوا ملحدين أو لا دينيين.. فأعلنوا تمردهم على الأديان، واتهموها بالتسلط على البشر، وأنها أفيون يستعين به البعض للتصبر على حاله، وليبرر عجزه، معلنين أن هذه القوانين هى من وحى حريتهم الشخصية، دون إملاء من أحد.

 وهو ما يناقض الحقيقة

لأن بطبيعة الحال.. فإنه لا أحد خرج من رحم أمه وهو يعرف شىء واحد أو لديه رأى أو قناعة حتى، لذا فأى رأى أو قناعة كونوها فهم متأثرين فيها بآراء آخرين، أو ظروف حياتية تم فرضها عليهم.

فهو وإن لم يكن مصدر أو منظم هذه القوانين.. دين سماوى، فهو دين أرضى.. ساهم فى تكوينه بعض الظروف والأشخاص، الذين بدورهم لم يكن لهم اليد الأحادية المطلقة فى كل ما يعتقدونه

* أو أنهم بالفعل حددوا هذه الأطر والقواعد العامة دون تأثير من أحد، أو استنادا على دين،
 .فيكون المصدر فى هذه الحالة هو الفطرة.. والتى فاطرها هو الله أيضا ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق